الأحد، 6 أكتوبر 2013

بحث مختصر عن تقانة صناعة الزجاج

لمحة تاريخية

كان الخزف المزخرف، بمثابة أقدم نوع تم تصنيعه من الزجاج، وكان يشكَّل بصهر أسطح حبيبات الرمل مع الصودا أو البوتاس الكاوية، وكان هذا الخزف يستخدم لصناعة الخرز، والنقوش والحليات الصغيرة في العصور القديمة، وفي الألف الثانية قبل الميلاد، ظهرت أول أوعية حقيقية من الزجاج، وقد تمكن الرومان من صب زجاج النوافذ، دون أن يكون بالصفاء الكافي، ولم يزد استخدامه عن السماح بدخول الضوء، دون التعرض للظروف الجوية. وكان الزجاج يُصبَّ على هيئة لوح مسطح، وربما أجريت عليه عملية درفلة وهو ساخن، لكي يصبح أرق سمكاً. وعلى الرغم من وجود الزجاج في عدد قليل من الكنائس القديمة، التي يرجع تاريخها إلى القرن السابع، إلا أن الألواح المتسعة من الزجاج الشفاف، لم تصبح شائعة إلا في القرن السابع عشر.

وتضمن العمليات الأولى لإنتاج الزجاج: صب لوح من الزجاج ثم درفلته وصقله، أو نفخ كرة من الزجاج، ثم تدويرها في حركة مغزلية على طرف قضيب، حتى تتسطح على هيئة قرص، وصقله بواسطة اللهب، وتنعيم سطحه. واحتاج عمليات التزجيج (صناعة الزجاج) القديمة، إلى أطر صغيرة للنوافذ، لتركيب هذا الزجاج (التاجي) أو (النورماندي) بداخلها، وظل بعضها محتفظاً بـ (عين الثور) المميزة في مركزها، كعلامة متخلفة عن استخدام القضيب. أما العملية البديلة لإنتاج (الزجاج العريض) فكانت تعتمد على أرجحة الكرة، حتى تتمدد وتتحول إلى شكل أسطواني، يصل طوله إلى حوالي متر ونصف، بقطر حوالي 45 سم. ثم تزال الأطراف وتشق الأسطوانة على طولها، ثم يتم تسطيحها في فرن مناسب.

وظلت الطريقة الأخيرة، مع طريقة أخرى متطورة عنها تعتمد على الميكنة، قيد الاستخدام حتى أوائل القرن العشرين، حين تم التوصل إلى طريقتين أخرىين هامتين:

طريقة (فوركو) عام 1904 وطريقة (بتسبرج) عام 1926 وتعتمد كلتا الطريقتين على سحب شريط من الزجاج رأسياً من فرن الزجاج، عبر فرن تلدين (تخمير) بواسطة درافيل من الاسبستوس تدار بالمحركات، تقوم بالقبض على الشريط بمجرد برودته لدرجة كافية، بعد أقدام قليلة أعلى الفرن. وتسمح عملية التلدين بتبريد الزجاج ببطء بمعدل محدد، ويعد ذلك أمراً ضرورياً لتجنب الاجهادات الناشئة عن التبريد السطحي السريع جداً. ويتميز الزجاج الناتج بشفافيته، وسطوحه المصقولة الصلبة، مع وجود بعض التشوه أو العيوب.

أسلوب الطفو

منذ ظهور عملية الطفو على يد شركة (بيلكنجتون) البريطانية عام 1959 أصبحت الطريقة الأساسية المستخدمة في العالم أجمع لتصنيع الزجاج المسطح، وكان يتعين قبل ذلك، صب أي لوح مسطح من زجاج، ثم درفلته وصقله للتخلص من الشوائب.

ولم تتطور طريقة الطفو، وهي في ذلك تختلف عما سبقها من عمليات إنتاج الزجاج المسطح، عن أية طريقة أخرى سابقة، بل تعتبر بمثابة تكنولوجيا جديدة تماماً.

وكان الحصول على لوح زجاج مصقول فيما سبق من طرق، يتم بدرفلة الزجاج المصهور من الفرن، على هيئة شريط مستمر، ولكن كان يعيب ألواح الزجاج، وجود علامات بسطحه، نتيجة التلامس بين الزجاج والدرافيل. لذلك كان يتحتم إزالة هذه العلامات بالتجليخ والصقل، للحصول على الأسطح المتوازية التي تحقق الاكتمال البصري (الخواص الضوئية الجيدة) للمنتج النهائي. وبالطبع، يتخلف عادم يقدر بحوالي 20% من عمليات التجليخ والصقل، وبالإضافة إلى زيادة رأس المال اللازم وارتفاع نفقات التشغيل.

ويعتمد أسلوب الطفو على تحريك شريط من الزجاج بعرض يصل إلى 33 متراً إلى خارج فرن الصهر، ثم يتم تعويمه على سطح حمام (مغطس) من مصهور القصدير. ويحتفظ بالشريط في جو يتم التحكم في تركيبه الكيميائي، عند درجة حرارة مرتفعة، لمدة زمنية كافية لانصهار المواضع غير المنتظمة، وحتى تصبح السطوح مستوية ومتوازنة. ويتميز سطح الزجاج الناتج بالاستواء التام، نتيجة الاستواء المماثل لسطح حمام القصدير المصهور.

ويجرى تبريد الشريط مع تحركه عبر القصدير المنصهر، حتى تتصلد السطوح بدرجة كافية لإمرار الشريط، عبر مرحلة التلدين، دون أن تترك الدرافيل علامات (ندبات) على السطح السفلي للشريط ويتميز الزجاج الناتج عن هذه الطريقة بانتظام السمك ولمعان سطوحه، دون حاجة إلى تجليخ أو صقل.

وبعد مرور سبع سنوات من العمل المضني، وبعد 14 شهراً من التشغيل غير الناجح لمصنع أقيم بالحجم الصناعي الكامل، وتكلف مائة ألف من الجنيهات الإسترلينية، كل شهر من هذه الشهور، ظهرت أول ألواح زجاجية ناجحة، ثم تصنيعها بهذه الطريقة، بثخن 6 ملم. وقد تحدد هذا السمك بطريقة تلقائية، نتيجة القوى الطبيعية المؤثرة على حمم الطفو، وهي ظاهرة حسنة، إذ يحتاج 50% من سوق الزجاج مرتفع الجودة، إلى هذا السمك.

ولكن الاستفادة الكاملة من طريقة الطفو، اقتضت السيطرة والتحكم في سمك الشريط المنتج، وهو أمر أولته شركة (بيلكنجتون) اهتمامها، إلى أن تمكنت بعد عامين من ظهور هذه الطريقة من إنتاج زجاج بسمك 3 ملم وتحقق ذلك عن طريق مط الشريط برفق، وبطريقة يتم التحكم فيها، بحيث انتفى وجود أية تشوهات في الألواح الناتجة.

ثم أمكن إنتاج ألواح أكثر سمكاً خلال السنوات الثلاث التالية، عن طريق الحد من الاستطالة التي يتعرض لها الزجاج المصهور في حمام الطفو، حتى تتاح زيادة السمك، ويبلغ مدى السمك المتوافر حالياً من 4 ملم حتى 25 ملم من الزجاج المناسب لأغراض البناء، وسمك 2.5 ملم لأغراض أخر

بنية الزجاج

كما هو الحال في المواد الصلبة غير المتبلورة الأخرى فإن التركيب الذري للزجاج لا يحتوي أي تناظر انتقالي، ولكن نظراً لخصائص الارتباط الكيميائي فإن الزجاج يمتلك درجة عالية من الانتظام قصير المدى نسبة إلى المضلع الذري الموضعي.

أنواع الزجاج

يمكن تقسيم الزجاج من حيث تركيبه الكيميائي إلى ثلاث أنواع:

زجاج الصودا: ويشكل ما يزيد عن 90% من الزجاج المستخدم : حيث يحتوي على أملاح الصوديوم وكربونات الصوديوم بنسبه عالية.

الزجاج الرصاصي الكريستال: وهو زجاج براق، يستخدم في صناعة التحف والإكسسوارات.

الكوارتز: ويحتوي على السيليكا بنسبه96%، يتميز بمقاومتة لأعلى درجات الحراره، مما يجعله مناسبًا لصناعه موازين الحراره والأفران.

كما يمكن تقسيم الزجاج أيضًا من حيث المعالجة الفيزيائية إلى نوعين:

الزجاج الملدن:

الزجاج المقسى: حيث يسخن إلى درجة حرارة معينة ثم يبرد بشكل سريع عن طريق تعريض سطح الزجاج لتيارات هواء بارد.لذا فهو يتميز عن الزجاج الملدن العادي بمايلي:



-*يمكن للزجاج المقسٍّى تحمل صدمات ميكانيكية أشدّ ممّا يتحمله الزجاج الملوّن العادي بـ 5 - 7 مرات. وعندما يتكسر الزجاج نتيجة صدمة شديدة, يتحول إلى عدد كبير من الشظايا صغيرة التي لا تجرح ولا تؤذي أحداً(لهذا السبب يسمى هذا الزجاج زجاج أمان مقسَّى). وخلافا للزجاج المقسى، فإن الزجاج العادي يتناثر عند تكسره إلى شظايا حادة جارحة بالغة الضرر

-*عندما ينكسر الزجاج المقسى نتيجة صدمة شديدة, يتحول إلى شظايا صغيرة لا تجرح ولا تؤذي أحداً(لهذا السبب تسمى زجاج أمان مقسَّى)وهو ما يستخدم في زجاج السيارات والسينما. أما الزجاج العادي الملدن فعند تكسره يتحول إلى شظايا مختلفة الأحجام, وحاده الأطراف ,و بالغة الضرر.

-*كما يمكن للزجاج المقسَّى تحمل الفارق بين درجات الحرارة الداخلية والخارجية, تصل إلى 300 درجة مئوية, في حين لا تتجاوز هذه الفروق الـ70 درجة مئوية في الزجاج العادي الملدن, مما يعرضها للكسر مباشرةً.

ومن الطرق الشائعه لتصنيع الزجاج هي خلط كميه كبيره من الرمل مع كميات قليله من الجير والصودا، ومن ثم تسخينه إلى درجة حرارة عالية تزيد على الـ 1100 درجة مئوية، حتى يصبح عجينةً سائلةً عالية اللزوجه، يتم بعدها تشكيله بطرق آلية أو يدوية، ومن ثم يبرد ليكون زجاجًا.

و يعتبر زجاج الصودا أو زجاج الحجر الجيري (الزجاج المسطح): هو الزجاج الأكثر شيوعًا واستخدامًا، حيث يشكل نسبه تزيد عن الـ (90%) من إجمالي الزجاج المستخدم في العالم. أما زجاج البوروسيليكات وهو ما يسمى بزجاج البايركس والكيموكس فهو يحتوي على السيلكا بنسبة(80%) وعلى القلويات بنسبة (4%) وعلى الألمونيوم بنسبة (2%) وعلى أكسيد البوريك بنسبة (13%). وهذا ما يعطيه صفة الصلابة التي تزيد بثلاثة أضعاف الزجاج المسطح.

أما زجاج السليكا المنصهر الكوارتز فهو يحتوي على السيلكا بنسبة (96%) ويتميز بمقاومته للصدمات، إلا أنه غالي الثمن.

و أهم خاصيه للزجاج من ناحيه تصنيعه هي لزوجته والتي تتعلق بدرجات الحرارة، لذا فإن زجاج السليكا النقي له لزوجه عالية ويحتاج إلى حرارة عالية جداً للتخلص من الفقاعات الموجودة فيه.

و هذا الشيء يجعل من صناعة زجاج السليكا النقي مكلف جداً.لذا ولأسباب علمية يلزم إضعاف زجاج السليكا لكي يسهل تصنيعه بشكل اقتصادي. ومن واقع الخبرة، يتضح أن اكسيدات المعادن القلوية هي خير وسيلة لتحقيق ذلك.

و يكمن السر في ذلك بأن كل ذرة سيليكون ترتبط بأربع ذرات فقط من الأوكسجين وأن أي ذرات إضافيه من الأكسجين تعمل خلخلة التشكيل المتماسك والقوي والمكون من سيليكون أكسجين – سيلكون لذا أصبح من السهل علينا تغيير تركيب زجاج السيليكا وجعله أكثر تحركاً وذلك باستخدام أكسيدات المعادن القلوية.

و تعتبر هذه أكسيدات المعادن القلوية من أهم عوامل الصهر المستخدمة في صناعة الزجاج، وأكثر هذه الأكسيدات استخداما هي الصودا التي تعتبر أرخصها ثمنا، وقد استخدمت أكسيدات معادن أخرى القلوية لهذا الغرض مثل (البوتاسيوم والليثيوم... الخ).

و هناك أنواع من الزجاج تستخدم في الصناعات الميكروية كالزجاج الحساس للضوء.

المركبات الموازنة في الزجاج

هناك عناصر ومركبات كيميائية ضرورية موازنة في عملية تصنيع الزجاج بأشكاله وأنواعه المعروفة بحسب الاستخدام، من أهمها :

1- الجير : يستخدم كمحلول مائي لتصنيع الزجاج. ويستخدم جير لكالسيوم والدولوميت بكميات كبيرة مع الرمل وكربونات الصوديوم والمصابيح الكهربائية.

2- أكسيد الرصاص : يعتبر من المكونات الرئيسية لأنواع الزجاج الظراني الذي يتميز بمعامل انكسار عال، وعادة ما تشتمل على نسبة كبيرة من البوتاس (يعطي الزجاج بريقاً ولمعاناً وفي نفس الوقت مقاوم للكهرباء والحرارة). 3- أكسيد البوريك : يخفض من درجه لزوجه السليكا دون أن يزيد من تمددها الحراري، ومع إضافه كمية قليلة من اكسيد الألمونيوم يحافظ على شفافية الزجاج، ويجعله أكثر مقاوما للحرارة (البايركس)، وهي تستخدم في صناعة أدوات المخابز وأجهزة المختبرات والأنانبيب الصناعية لقدرتها على مقاومة التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة وتحملها للتأثيرات الكيميائية.

4- أكسيد الألمونيوم والجير : يستخدم هذا الخليط بنسبة كبيرة في الزجاج مع (10%) من أكسيد البوريك وقليل من القلويات لصناعة الزجاج الليفي.

بشيء من التقريب يمكن القول أن الزجاج هو خلطة مناسبة من الرمل (السيليكا) مع بعض الاضافات الكيميائية وبظروف حرارية معينة نحصل على تلك المادة العجينية التي تبرد لتعطينا الزجاج، والزجاج مادة من أكثر المواد فائدة في العالم. وهو يصنع بشكل رئيسي من رمل السيليكا والصودا والجير.

للزجاج حالتين يوجد فيهما فقط، هما الحالة العجينية بدرجات الحرارة العالية جداً، والحالة الصلبة التي نراها في الطبيعة، والمميز في الزجاج أنه لا يمر بعملية التبلور التي ترافق تبريد مختلف المعادن عند عملية التشكيل.

هذا ويمكن الحصول على خواص مختلفة للزجاج بحسب طريقة تحضيره حيث يمكن للزجاج أن يشكل بحيث يستخرج على شكل خيوط رفيعة جدا تستخدم في تصنيع الالياف البصرية، أو يمكن أن يشكل من الحالة العجينية ويكسب مطواعية ليسكب في قوالب تعطيه الشكل النهائي كمرآة التلسكوب التي يصل وزنها عدة اطنان، ويمكن ان تزاد صلادته أو قساوته ليصبح أقوى من الفولاذ واكثر هشاشة من الورق مع إمكانية الحصول عليه بكافة الالوان والاشكال وذلك بسبب خاصيته العجينية.

صناعة الزجاج

يصنع الزجاج بطريقة التسخين إلى درجات الحرارة العالية حتى الحصول على الحالة العجينية للخليطة ومن ثم تتم عملية القولبة للعجينة بحسب الشكل المراد الحصول عليه، وطبعاً هنالك العديد من العوامل التي يجب مراعاتها ولكن هذه هي الطريقة العامة، وباختصار يمكننا القول أن صانع الزجاج يقوم بخلط كمية كبيرة من الرمل مع كميات قليلة من الجير والصودا وغيرها من المواد ليعطي للزجاج بعض الخواص. ويمكن أن تتكون المكونات الأخرى من الآلومنيوم وأكسيد الزرنيخ الأبيض بتسخين هذا الخليط أو جزء منه في فرن حتى يصبح كتلة من السائل الكثيف اللزج. وعندما يبرد هذا المزيج يصبح زجاجا. وتستعمل ملايين الأطنان من الرمل كل سنة لصنع الزجاج. ومع ذلك فإن هناك أنواعا خاصة من الزجاج تصنع دون أن يستعمل فيها الرمل مطلقاً.

البرسبكـس

هو مكوثر (polymer) الميثيل ميثاكريليت، اسمها التجاري (في الولايات المتحدة) هو لوسايت، كما يوجد له اسم تجاري آخر هو بليكسي غلاس، وتتميز هذه المادة بخصائص بصرية ممتازة، وهي ملائمة لصنع النظارات وعدسات الكاميرات، ومن أجل الإعلانات الضوئية الموجودة في الشوارع، كما وتدخل في صنع الزجاج المقاوم للرصاص

زجاج الأمان

رافق التطورالتكنولوجي وبشكل دائم ما يسمى بعوامل الأمان التي من شأنها حماية العمال والعمل بآن واحد ،والزجاج مادة خطرة ونتائج استخداماتها أثبتت خطورتها وخاصة أن الزجاج بشكل عام يتحطم إلى قطع كبيرة وحادة الأطراف قادرة على إيذاء الشخص كيفما كان وضع الحادث، لذلك كانت الغاية من زجاج الأمان هي تقليل خطورة الزجاج وجعله يتحطم على شكل أجزاء صغيرة وناعمة غير حادة ومتلاصقة دون أن تتناثر في أرجاء مكان الحادث.

ويصنع زجاج الأمان بإحدى طريقتين، وضع طبقة لدائنيه "بلاستيكية" رقيقة بين لوحين زجاجيين، أو تقوية ألواح الزجاج عن طريق معالجتها بالحرارة. ولقد كان الكيميائي الفرنسي إدوار بنيديكتوس أول من صنع زجاج الأمان، وذلك حين ركب عام 1909م رقاقة من السليولويد بين لوحين من الزجاج. وقد استخدم زجاج الأمان في الواجهات الواسعة التجارية وفي مجال واسع في عالم السيارات حيث كانت حوادث السير تحصد الكثير من الأرواح بسبب الزجاج.

اكتشاف زجـاج الأمــان

أوقع العالم الفرنسي بينيديكتوس خطأ زجاجة تحتوي على مادة الكولوديون وهي مادة تستعمل لتضميد الجروح وللتصوير، من فوق الرف إلى الأرض، ولاحظ العالم أن الزجاجة قد تحطمت، ولكنها بقيت قطعة واحدة ولم تتفتت، فدهش للنتيجة، ولاحظ فضلا عن ذلك أن مادة الكولوديون تركت بعد أن تبخرت قشرة رقيقة على الزجاج، هي التي أبقته ملتحما بعضه ببعض.

وقرأ هذا العالم فيما بعد أن عددا كبيرا من الإصابات تحدث بسبب تطاير شظايا زجاج السيارات الأمامي لدى حدوث حوادث الارتطام، وكانت السيارات وقتئذ في مستهل عهدها، فتذكر خطأه ومادة الكولوديون، فألفى فيها العلاج الناجع، ومذ ذاك، ظهر إلى الوجود الزجاج الأمين، غير القابل للكسر والتحطيم.

الزجاج المعدني في خدمة المستقبل

أصبحت الحاجة إلى استخدام الزجاج المعدني ضمن المحولات الكهربائية ومضارب الغولف وضمن تطبيقات أُخرى أمراً مُلحا, الأمر الذي دفع تود هاف نايغل, الباحث الجامعي في جامعة جونز هوبكنز وبروفسور علم المواد والهندسة, إلى أخذ أمر تقديم زجاج معدني جديد ضمن كتل تتميز بخصائص القوة والمرونة والمغناطيسية على عاتقه.

ويأمل هاف نايغل التعرف على المزيد من الأحداث المجهرية التي تطرأ على مرحلة تحول المعدن خلال صبّه من حالته المائعة إلى الحالة الصلبة, وهي مرحلة مهمة للغاية خلال عملية إنتاج الزجاج المعدني.

فبالنسبة للعلماء الزجاج هو أي مادة يمكن تحويلها من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة بدون أن تتبلور, ومن المعلوم أنّ معظم المعادن تتعرض لعملية التبلور خلال تبرّدها وتنظّم ذراتها لتشكل نموذج مكاني عالي التنظيم يدعى بالشبيكة, الأمر الذي لا يطرأ على الزجاج المعدني الذي يتشكل من نفس العملية بدون تبلور المعدن لأنّ ذرات المعدن هنا تترتّب بشكل عشوائي تقريباً.

وبشكل مغاير للألواح الزجاجية, فالزجاج المعدني ليس بالمادة الشفافة لكن تكوينه الذري الغريب يمتلك خصائص مغناطيسية وميكانيكية متميزة, أضف إلى ذلك أنه يتمتع بالصلابة والقوة.

وعلى صعيد آخر, إن المعادن التقليدية يمكن تفكيكها وتغيير شكلها بسهولة نسبية كون شبيكته البلورية مليئة بالعيوب, الأمر الذي لا يحدث في الزجاج المعدني الذي يبدي استعداداً كبيراً لا يقارن بالموجود في المعادن التقليدية للعودة إلى شكله الطبيعي إذا ما حاولنا تفكيكه.

وذكر البروفسور هاف ناغيل حول هذا الأمر:

" إذا ما أردنا تصنيف المواد بحسب قابليتها للتحول, نستطيع أن نقول بكل ثقة أنّ الزجاج المعدني لن يدخل ضمن هذا التصنيف. إنّ المواد الزجاجية المعدنية مميزة بشكل كبير أكثر من أي مادة أُخرى".

والآن يحاول هاف نايغل تركيب مادة زجاجية معدنية تحافظ على صلابتها بالإضافة إلى تمتعها بعدم القدرة على التبلور إذا ما تعرضت للبيئات الحرارية العالية لاستخدامه في مكونات الآلات, الأمر الذي تطلب إنشاء مخبراً لبحوثه وتجاربه على هذه المادة, بالإضافة إلى الدعم المادي الذي وفرته له المؤسسة العلمية الوطنية الأمريكية ودائرة البحث في الجيش الأمريكي.

يذكر أنّ هذه المادة يمكن استخدامها في المقذوفات الانفجارية القادرة على اختراق الدروع. وبشكل مغاير لمعظم المقذوفات البلورية المعدنية التي تتسطح على الهدف بشكل مشرومي، يرى هاف نايغل أن أطراف الزجاج المعدني ستنتشر فوق الهدف بدقة أعلى وبشكل انتشاري أكبر لزيادة حدّة الضربة على الهدف.

إن هذا العمل يسير على خطا العلماء الذين حاولوا جمع المكونات لتركيب مواد جديدة فيّمة على مرّ التاريخ، وفي هذا الصدد, تحدث هاف نايغل : " ينظر إلى علم المعادن تقليدياً على أنّه الفن الأسود, ومنذ زمن بعيد قام الناس بتركيب الأشياء بدون أن يعرفوا ماهية تركيبها, لذلك فإنّ علم المعادن يقدم مساهمة حقيقية تساعدنا في تصوّر عملية تكون الأشياء وكيف يمكن أن نجعلها تعمل بشكل أفضل".

وأضاف : " قسم مما نقوم به ما زال يدور في فلك الكيمياء, وهو عملية خلط المواد لمعرفة مقدار جودتها في تكوين الزجاج المعدني, والقسم الآخر من عملنا يتضمن الأمور العلمية, فنحن بحاجة لفهم كيفية حصول عملية التبلور لتصميم كتل تتجنب هذا الأمر, لذا فإنّنا نحتاج إلى الكثير من البحث الأساسي على هذه المادة".

ولأنّ المواد الزجاجية المعدنية تفتقد لعيوب التبلور, ستكون هذه المواد مميزة من الناحية المغناطيسية بالإضافة إلى كونها ستنخفض حرارتها بسهولة بعد القيام بصبها في قوالب, الأمر الذي سيجعلها مطلوبة بشكل كبير في عمليات التصنيع, مع الأخذ بالعلم أن عملية صب هذه المواد في قوالب لتكون كتل كبيرة هي عملية صعبة للغاية, لأنّ معظم المعادن تندفع نحو التبلور عندما تتبرد. ونحن بحاجة إلى مراعاة تصلّب المعدن قبل أن تحصل الشبيكة المتبلورة على فرصة للتكون خلال عملية تبرد المعدن بقصد تحويله إلى زجاج معدني.

وعلى سبيل المثال:

إذا ما أردنا أن نصنع الزجاج المعدني من معدنٍ نقي كالنحاس أو النيكل فعلينا أن نقوم بتبريد المعدن بنسبة تريليون درجة في الثانية, الأمر الذي يجعل هذه العملية مستحيلة بحسب ما قال هاف نايغل.

على أيّة حال, تعلّم علماء علم المعادن في خمسينيات القرن الماضي كيفية إبطاء بلورة المعادن بخلط بعض المعادن المعينة مع بعضها البعض مثل النيكل والزيركونيوم, وعندما تمّ تبريد الطبقة السطحية الرقيقة بمقدار مليون درجة في الثانية تمكنوا من الحصول على تركيب الزجاج المعدني لاستخدامها كشرائط رقيقة أو أسلاك أو مساحيق. أما في الوقت الراهن, تمكن العلماء من تركيب حوالي دزينة من المواد الزجاجية المعدنية على شكل أعمدة وكتل من خلال جمع أربع أو خمس عناصر ذات ذرات متنوعة الأحجام مع بعضها البعض, الأمر الذي يصعب علمية تبلور الشبيكة في الخليط, وقد تمّ تسويق أحد هذه الكتل الزجاجية المعدنية لاستخدامها في صناعة رؤوس مضارب لعبة الغولف.

هل يمكن للزجاج السماح لنفاذ الضوء دون الحرارة ؟

طور باحثان بريطانيان نوعا من الزجاج يمنع نفاذ الحرارة دون أن يمنع نفاذ الضوء، وذلك عن طريق إضافة مادة كيميائية للزجاج تتغير طبيعتها عند وصول الحرارة لدرجة معينة، وتحول دون نفاذ موجات الضوء في نطاق الأشعة تحت الحمراء، وهو النطاق الذي يؤدي إلى الشعور بالحرارة المصاحبة لضوء الشمس.

والمادة الكيميائية التي استعملها الباحثان إيفان باركن وتروي ماننغ من الكلية الجامعية بجامعة لندن، هي ثاني أكسيد الفاناديوم. وهي مادة تسمح – في ظروف الحرارة العادية – بنفاذ ضوء الشمس سواء في النطاق المنظور أو في نطاق الأشعة تحت الحمراء.

ولكن عند درجة حرارة 70 مئوية (تسمى درجة الحرارة الانتقالية) يحدث تغير لتلك المادة، بحيث تترتب إلكتروناتها في نمط مختلف، فتتحول من مادة شبه موصلة إلى معدن يمنع نفاذ الأشعة تحت الحمراء. وقد تمكن الباحثان من خفض درجة الحرارة الانتقالية لثاني أكسيد الفاناديوم إلى 29 درجة مئوية بإضافة عنصر التنغستين.

وذكر الباحثان في مجلة "كيمياء المواد"، أنهما قد توصلا لطريقة فعالة لإضافة ثاني أكسيد الفاناديوم للزجاج خلال عملية تصنيعه، ما يمكن من إنتاجه بتكلفة منخفضة. وباستخدام الزجاج الجديد ينتظر أن يتمكن الفرد من الاستمتاع بضوء وحرارة الشمس معا إلى أن تصل حرارة الغرفة إلى 29 درجة مئوية، وقتها سيعزل الزجاج الأشعة تحت الحمراء، بينما سيظل بالإمكان الإفادة من الضوء المباشر للشمس بدلا من الطرق التقليدية التي تمنع وصول كل من الضوء والحرارة مثل الستائر التي تغطي الشرفات والواجهات.

إن الزجاج الجديد سيحل مشكلة عصية يواجهها المصممون المعماريون عند تصميم المباني ذات الواجهات الزجاجية، كما سيخفض تكاليف تكييف الهواء التي تبلغ ذروتها في أوقات الصيف الحار. ورغم وجود بعض المشاكل التقنية في طريق الإنتاج التجاري لذلك الزجاج مثل عدم ثبات مادة ثاني أكسيد الفاناديوم على الزجاج وكذلك اللون الأصفر القوي لتلك المادة، فقد ذكر الباحثان أنهما بصدد التغلب على مثل هذه المشاكل التقنية قريبا. وأوضحا أنه لغايات تثبيت ثاني أكسيد الفاناديوم جيدا مع الزجاج ستضاف مادة ثاني أكسيد التيتانيوم. وسيضاف أحد الأصباغ لإزالة اللون الأصفر. وينتظر طرح الزجاج الجديد في المستقبل القريب.

م.حمزة نور الله الحسين

ملاحظة ان هذا البحث من مصادر متنوعة وقد قمت بتنسيقه ونشره بعد التاكد من صحة المعلومات الكيميائية فيه





via منتديات الوزير التعليمية Arabic Minister Forums, Educational and Networking - Alwazer http://vb1.alwazer.com/t90148.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق