الخميس، 26 سبتمبر 2013

دراسات سابقة في رأس المال الفكري وعلاقته بالأداء التنظيمي

شهد العالم خلال العقد الأخير من القرن الماضي والعقدالأول من القرن الحالي مجموعة كبيرة من التغيرات والتحولات في شتى المجالات، حيثتناقصت أهمية عوامل الإنتاج المادية وتزايدت أهمية العوامل غير الملموسة المتمثلةفي المعرفة والتكنولوجيا ومهارات وكفاءات العاملين وغيرها من الموارد الفكرية التيأصبحت تلعب دوراً حاسماً في تعزيز المزايا التنافسية لمنظمات الأعمال التي تساعدهاعلى البقاء والاستمرار والنمو، وهكذا أصبحت المعرفة المتوافرة بالمنظمة ميزةتنافسية لها تميزها عن غيرها من المنظمات، ونتيجة لذلك فإن المنظمات الناجحة هيتلك المنظمات التي تقوم باستقطاب واختيار وتطوير وتنمية الموارد البشرية التييمكنها قيادة هذه المنظمات، وهي تلك المنظمات التي تهتم بعملائها وحاجاتهمورغباتهم، وتستغل الفرص التكنولوجية المختلفة الموجودة بالبيئة المحيطة بها، ولذلكفإن التحدي الرئيسي أمام المنظمات اليوم هو التأكد من توافر الأفراد أصحابالمهارات المتميزة وتدريبهم وتنمية مهاراتهم(1).ولقد استخدمت الكثير من المصطلحات للتعبير عن هذهالتحولات مثل مصطلح اقتصاد المعرفة Knowledge Economy، ومصطلح اقتصاد المعلومات InformationEconomy،ومصطلح الاقتصاد الجديدNew Economy، ويرى كلاً من O’Regan & O’Donnell (2) أن المصطلح الأخير هو الأكثر تعبيراً عن حقيقة التحولاتالسابقة، وفي ظل الاقتصاد الجديد لم تصبح الأصول الملموسة ورأس المال المادي همأهم عناصر تحقيق الثروة والتميز للمنظمات، بل تحول الاهتمام والتركيز إلى الأصولغير الملموسة Intangible Assets ورأس المال الفكريIntellectualCapitalنتيجة لزيادة الاعتماد على المعرفة والأصول الفكرية بحيث تكون هي المحرك الرئيسيللنشاط الاقتصادي، فبعد أن كانت الأصول الملموسة تمثل 80% من أصول المنظمات،والأصول غير الملموسة تمثل 20% فقط في ظلالاقتصاد الصناعي، تحول الأمر وأصبحت الأصول غير الملموسة تمثل الوزن النسبيالأكبر في ظل الاقتصاد الجديد، وخاصة قطاع الخدمات والمنظمات كثيفة التكنولوجيا، وهذا يرجع إلى زيادة ما تستثمره المنظماتفي أصولها غيرالملموسة Intangible Assets، والتي يطلق عليها أيضاً الأصولالمعرفية KnowledgeAssets،مما أدى إلى زيادة حجم التجارة الدولية في قطاع المعرفة بأكثر من خمس أضعافالتجارة في قطاع الصناعة، وهو ما يبرز أهمية الأصول الفكريةIntellectual Assets في المنظمات باعتبارها أحد خصائص الاقتصادالجديد، حيث ﻘﺩﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﻭﻥ ﺃﻥ أكثر ﻤﻥ ٥٠% ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲﺍﻹﺠﻤﺎﻟﻲ (GDP)GrossDomestic Productﻓﻲﺩﻭل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية(*)Organization forEconomic Co-Operation andDevelopment (OECD)ﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﺭﻓﺔ، حيث تمثل نسبة الصناعات القائمة على المعرفة من الناتج المحلي الإجمالي49% في أيرلندا،و43% في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، و42% في السويد وبلجيكا، و40% فيالمملكة المتحدة وفرنسا(1).ﻓﻘﺩازدادت ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟمبنية ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إلى ﻤﺠﻤلﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ بشكل ﻤﻠﺤﻭﻅ ﺒﻴﻥ ﻋﺎﻡ 1995 ﻭﻋﺎﻡ 2005، ﻭﻴﺘﺒﻴﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ الزيادة ﻓﻲ ﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﻫﺫﻩﺍﻟﺩﻭل من ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟمبنية ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ كالخدمات المالية وخدمات الأعمالالتجارية وقيمة الملكية الفكرية، ﺤﻴﺙ ﺘﺭﺍﻭﺤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺯﻴﺎﺩﺍﺕ ﻟﺘﺼل ﺇﻟﻰ أكثر من 100%ﻓﻲ المملكة المتحدة، في حين زادت قيمة صادرات الخدمات التقليدية مثل خدمات النقلوالسفر بنسبة 50%، وفي عام 2005 شكلت هذه الصادرات ما يقرب من 70% من مجموع صادراتالخدمات مقارنة بنسبة 50% في عام 1995، حيث بلغتقيمة صادرات المملكة المتحدة من الخدماتالقائمة على المعرفة 76 بليون جنيه استرليني في عام 2005(2).وخلالالفترة الزمنية بين عامي 1994 و2002 زادت إستثمارات ﺩﻭل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD في مجال المعرفة كنسبة من الناتجالمحلي الإجمالي GDPزيادة ملحوظة، فعلى سبيل المثال زادت تلك النسبة في السويد من 5.1% إلى 6.8%، وفيالولايات المتحدة الأمريكية من 5.4% إلى 6.6%،وفي كوريا من 4.9% إلى 5.9% خلال تلك الفترة(3).من ناحية أخرى زادت نسبة مساهمة الصناعات الثقافيةوالإبداعية Cultural and Creative Industries في زيادة الإنتاجية وفرص العمل،فعلى سبيل المثال زادت نسبة صناعات ثقاقية وابداعية كصناعات تصميم البرمجيات،وألعاب الكمبيوتر، والنشر الإلكتروني من 1.8% من القيمة المضافة الإجمالية (GVA)Gross ValueAddedعام 1997 إلى 2.8% عام 2003، أي بمعدل نمو سنوي قدره 11%، معتزايد فرص العمل بنسبة 8% سنوياً في الفترة من 1997 إلى 2004 لتصل إلى أكثر من 590ألف فرصة عمل في تلك الصناعات(4).وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصاديات المعرفة تستأثر الآنبحوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي العالميGlobal GDP وتنمو بمعدل 10% سنوياً، وجديربالذكر أن 50% من نمو الإنتاجية في الإتحاد الأوروبي هو نتيجة مباشرة لاستخداموإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات(5)، وهذا ما أكده البعض(6) أن تقارير البنك الدولي والمؤسسات الماليةالدولية تؤكد أن اقتصاد المعرفة ينمو سنوياً بنسبة 10%، في حين أن الإقتصاد العاديينموا بنسبة تتراوح بين 1 و 2%، وقد تصل إلى صفر% في بعض الحالات.وخلال الفترة من 1995، و2004 زادت نسبة إجمالي العاملينفي مجال المعرفة والذين يطلق عليهم عمال المعرفة KnowledgeWorkersمن إجمالي العمالة، فقد زادت تلك النسبة من 44% إلى 48%في هولندا، ومن 38% إلى 44% في سويسرا، ومن 40% إلى 44% في السويد، ومن 36% إلى43% في الدنمارك، ومن 39% إلى 43% في بلجيكا خلال تلك الفترة(1).من ناحية أخرى يوضح تقرير منظمة التعاون والتنميةالاقتصادية الصادر سنة 1996 عن الاقتصاد القائم على المعرفة TheKnowledge-Based Economy، أن الاقتصاد الجديد يتكون من خمسة مكونات رئيسية هي(2):1- استثمارات ضخمة في الصناعات كثيفة التكنولوجيا High-Technology Industries التي تساهم بدرجة كبيرة في الناتجالمحلي مقارنة بالصناعات التقليدية التي تعتمد على عوامل الإنتاج المادية.2- وجود موارد بشرية تتمتع بمهارات فنية وتكنولوجية عالية تمثل رصيد من رأسالمال البشري القادر على مقابلة وتلبية احتياجات الصناعات التكنولوجية من المواردالبشرية والمعرفية.3- وجود نظام قوي للاتصالات (الرسمية وغير الرسمية) يسهل من تدفق وتبادلالمعلومات والمعرفة بين المنظمات والأفراد.4- وجود نظام علمي فعال Science System يقوم بإنتاج وتصنيف واختزان ونشروتوزيع المعرفة على القطاعات المختلفة التي يمكن أن تستفيد من تلك المعرفة، بهدفتطبيقها وتحويلها ودمجها في منتجات أو خدمات يستفيد منها المجتمع.5- وجود سياسات حكومية تدعم نشر وتبادل المعرفة في المجتمع.ويرى Guthrie et al.(3) أنه في ظل الاقتصاد الجديد The New Economy ازدادت أهمية الأصول غيرالملموسة، وبالتالي فإن قيمة المنظمة تتمثل فيما تتملكه من أصول غير ملموسة Intangible Assets لذلك فإن منظمات الأعمال خاصة فيالقطاعات الخدمية وكثيفة التكنولوجيا، عليها أن:1- تعمل على امتلاك وتطوير وتحسين الأصول غير الملموسة وذلكلخلق ميزة تنافسية لها في السوق.2- تستثمر كثير من الأموال في تكنولوجيا المعلومات لتحسينجودة المنتجات والعمل على زيادة سرعة تداولها في السوق.3- تعمل على تحويل المعرفة إلى رأس مال فكري لازم لقيادةالمنظمة ولتحقيق مزيد من الدخل والثروة.ولذلك بدأت المنظمات في الاهتمام برأس مالها الفكريواكتشافه وإدارته وتنميته وتطويره من أجل تحسين أداء وانتاجية المنظمة وتحقيق قيمةمضافة لها وتحقيق التفوق والتميز في السوق، لذلك أصبح من الضروري أن تتعرفالمنظمات على دور رأس مالها الفكري في تحسين أدائها التنظيمي، لكي تدرك مدى أهميةالاستثمار في رأس المال الفكري والعوائد المتحققة من وراء هذا الاستثمار.وتعتبرالدراسات السابقة هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها موضوع رأس المال الفكريوتأثيره على أداء المنظمة، خاصة وأن رأس المال الفكري يعتبر من المفاهيم الإداريةالحديثة، حيث لم يظهر هذا المصطلح في الدراسات والبحوث إلا عام 1991 عندما كتب Thomas A.Stewart مقالاً رئيسياً عن رأس المال الفكري(1)، وانتشر استخدام هذا المصطلح بعد أنقدم Stewart في عام 1997كتابه الشهير "رأس المال الفكري الثروة الجديدة للمنظمات"(2).ولقد أسفرت جهود الباحثين خاصة منبداية القرن الحالي عن ظهور عدة دراسات تناولت رأس المال الفكري وأساليب قياسهوإدارته ودوره في تحسين الأداء ودعم القدرات الإبداعية والتنافسية للمنظمات، وبناءاًعلى ذلك فإن هذا المبحث سيتضمن عرضاً لبعض الدراسات والبحوث التي تناولت موضوعإدارة رأس المال الفكري وكيفية الربط بينها وبين تحسين أداء المنظمات.وسوف نقوم بعرض الدراسات العربيةوالأجنبية التي تناولت العلاقة بين رأس المال الفكري وأداء المنظمات، مع مراعاةأنه سوف يتم تحليل هذه الدراسات من حيث أهدافها، وأهم النتائج التي توصلت إليها،على أن يقوم الباحث بعد عرض هذه الدراسات بالتعليق عليها من خلال أوجه الاتفاقوالاختلاف بينها وتحديد النتائج العامة التي تم استخلاصها منها وهذا ما سوف نتعرض له في الملف المرفق.

(1)Ulrich,Dave (1998), "A New Mandate for Human Resources", Harvard BusinessReview, Jan-Feb, 1998.

(2)O’Regan, Philip & O’Donnell,David (2000), "Mapping intellectual resources: insights from criticalmodernism", Journal of European Industrial Training, Vol. 24 Iss:2/3/4, pp.118 – 127.

(*)هي منظمة دولية مكونه من مجموعه من البلدان المتقدمة التي تقبل مبادئ التمثيل الديمقراطي واقتصاد السوق الحر، نشأت فيعام 1948 عن منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي للمساعدة على إعادة إعمار أوروبابعد الحرب العالمية الثانية، وبعد فتره تم توسيعها لتشمل عضويتها بلدان غير أوروبية، وفي عام 1960 تم إصلاحها لكي تكون منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتمنح المنظمة فرص تمكن الحكومات من مقارنة التجارب السياسة والبحث عنإجابات للمشاكل المشتركة، وتحديد الممارسات الجيدة وتنسيق السياسات المحليةوالدولية، كما تشكل منتدى للضغوط التي يمكن أن تكون حافزا قويا لتحسين السياساتوتنفيذها عن طريق سن قوانين غير الملزمة التي يمكن أن تؤدي أحيانا إلى المعاهداتالملزمة.

(1)Brinkley, I.(2006), "Defining theKnowledge Economy",London:The Work Foundation. Retrieved August 03, from The Work Foundation.

(2)The Op.Cit.

(3) The Op. Cit.

(4)The Op. Cit.

(5) Jean-Eric, A. & Reiffers , J.(2003),"Knowledge Economies in the MiddleEast and North Africa: Toward NewDevelopment Strategies", WBILearningResources Series, The World Bank,Washington, D.C.

(6)درويش، أحمد(2010)، الكلمة الإفتتاحية لمؤتمر إدارة المعرفة "إدارة المعرفة.. محفِّزللابتكار"، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري يومي21 و 22 سبتمبر، القاهرة.

(1) Brinkley, I.(2006), Op. Cit.

(2) OECD (1996),"The Knowledge-Based Economy", Paris. OCDE/GD (96)102.

(3) Guthrie, J. & Petty, R. & Ferrier,F. & Wells, R. (1999), "Thereis no Accounting for Intellectual Capital in Australia: A review of annual reporting practices and the internalmeasurement of Intangibles”, Knowledge Management Solutions International,Sydney, OECD Symposium on Measuring and Reporting of Intellectual Capital,Amsterdam.



(1) استيوارت، توماس(2004)، " ثروة المعرفة: رأس المال الفكري ومؤسسة القرن الواحدوالعشرين"، ترجمة علا أحمد إصلاح، القاهرة: الدار الدولية للاستثماراتالثقافية.

(2) Stewart,T. (1997), "Intellectual Capital: The New Wealth of Organizations",Doubleday / Currency, New York, NY.





via منتديات الوزير التعليمية Arabic Minister Forums, Educational and Networking - Alwazer http://vb1.alwazer.com/t89647.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق