السبت، 2 نوفمبر 2013

الانضباط والتعاون



عندما يصبح الأطفال الرضع أطفالاً دارجين، يبدأ الكثير من الآباء والأمهات في التفكير والحديث عن الانضباط. وليس غريباً أن يتعلم طفلك الكثير من السلوكيات التي قد لا تتوافق كلها مع ما تريدين.

الأشهر السابقة لعيد مولده الأول

إن طفلك الذي يكون على وشك المشي والبدء بالكلام قادر بالتأكيد على فهم معنى كلمة "لا" والتعاون مع الكبار، وإن لم يكن يرغب في ذلك (أحياناً). لكنه ليس مستعداً للتعامل مع غضب الكبار عندما يرفض التعاون معهم، لأن أسباب الغضب تفوق قدرته على الاستيعاب وتبدو له من دون مصدر واضح وكأنها قضاء وقدر، أو كالصاعقة.



لا يستطيع طفلك إدراك أن ما قام به للتوّ (مثل سكب الحليب (اللبن) على قميصك النظيف، أو إفراغ محتويات حقيبة يدك (شنطتك) هو "القشة التي قصمت ظهر البعير". ولو كان قد شعر بتوترك مسبقاً، فلن يستطيع فهم السبب وراء مثل هذا التوتر: وهو نهوضك من النوم في وقت متأخر لأن جرس المنبّه لم يرّن مما أدى إلى تأخير في إيقاظ طفلك وتوصيله إلى الحضانة وعدم وصولك أنت إلى العمل في الوقت المحدد. لا يستوعب طفلك الكثير بشأن مشاعرك أو أحوالك وهو غير مطالب بذلك ولا يهتم بهذا الأمر بعد. إذا وجهت له التأنيب فقد يستفزك أكثر بضحكاته، وإذا صرخت بوجهه فسيشعر بالرعب ويبكي. أما إذا فقدت أعصابك لدرجة عاقبته جسدياً، سواء عن طريق هزه بعنف أو ضربه أو الإلقاء به في مهده، فسيكون مندهشاً ومذعوراً، مثلك تماماً لو رأيت *** العائلة فجأة ينقض عليك وينهش جزءاً من ساقك. وحتى تتضح أسباب غضب الكبار وتصبح مفهومة، لن يتعلّم طفلك الدارج أي شيء مفيد لو استخدمت العقاب. وعندما تصبح الأسباب مفهومة لدى طفلك، ستكون لديه القدرة على التعلم من دون عقاب.



لو قام طفلك، على سبيل المثال، بسحب منفضة السجائر من على المنضدة وكسرها، قد تبررين تعنيفك الغاضب له على أساس أنه ما كان يجب أن يلمسها أصلاً لأنك قلت له ذلك مراراً وتكراراً وعليه أن يكون أكثر حرصاً. لكن فكري لدقيقة، فقد يكون طفلك قد لمس منفضة السجائر لأنها كانت موجودة أمامه: دفعه فضوله القوي إلى تفحّصها، في حين أن ذاكرته وقدرته على الاستيعاب لم يكتمل تطورهما بعد حتى يدلانه على الأشياء الممنوعة. لقد كسرها لأن مهارته اليدوية لم تكتمل كفاءتها في التعامل بحذر مع الأشياء القابلة للكسر. إذاً، هل كان طفلك مذنباً فعلياً في هذه الحادثة؟ إذا كانت منفضة السجائر ثمينة، لماذا تركتها في متناول يده؟ لقد عاقبت طفلك على كونه طفلاً.



لنفترض أنه قد أخرج كل طعامه من طبقه (صحنه) وألقى به على الأرض التي مسحتها للتوّ، قد تقولين في ثورة من الغضب "كان يجب أن يتصرف بصورة أفضل من ذلك". ولكن، هل كان يجب عليه ذلك فعلاً؟ منذ بضعة دقائق قليلة، قمت بمساعدته على إخراج جميع المكعبات من الحقيبة الخاصة بها ووضعها على الأرض. هل من المفترض أن يشاركك طفلك أفكارك عن الفرق بين الطعام والألعاب؟ أما بالنسبة للأرضية النظيفة، فربما يكون قد شاهدك وأنت تنظفين الأرضية بالماء والصابون. هل لزاماً عليه أن يفهم أن الماء والصابون للتنظيف في حين أن مرق اللحم يوسّخها؟ ها أنت غاضبة منه مرة أخرى كونه في عمر صغير ويتصرف بالطريقة التي يؤدي بها جميع الأطفال من نفس المرحلة العمرية.



مهما كانت آراء الآخرين، عاملي طفلك في هذا السن معاملة لينة ولا يمكن أن يجعل منه هذا الأسلوب طفلاً "مدللاً"، ولن ينتج عنه مشاكل سلوكية فيما بعد. في الواقع، كلما جعلت طفلك يشعر بحبك واستمتعت بحبه لك، كلما كان ذلك أفضل. إذا سمحت لنفسك بإدراك اشتياقه الدائم لابتساماتك وأحضانك ومعاملته بالمثل، فسيكون آخر شيء يود طفلك القيام به هو عدم إرضائك. ما زال بحاجة إلى وقت طويل حتى يدرك معنى إرضائك، فما يمتعك يختلف عما يمتعه هو. أنت لا تحبين مرق اللحم على الأرض على سبيل المثال.

من سن العام الأول إلى العامين ونصف

خلال هذه الأشهر، تتطور الساعة الداخلية الخاصة بنمو طفلك وتدفعه إلى التوقف عن التصرف كطفل رضيع فيصبح ذا شخصية مستقلة. إذا عاملته كطفل رضيع، سيعارضك على طول الخط، وفي النهاية سوف يفوز باستقلاليته لأنه يجب أن يفعل ذلك. لكن سيكون ثمن الفوز باهظاً وهو الحب المفقود بينكما. لا تشير الساعة الداخلية حتى الآن إلى مؤشر "مرحلة الطفولة"، لذا أي محاولات لتأديب طفلك والسيطرة عليه مثلما تفعلين مع طفل كبير لن يكتب لها النجاح أيضاً. ستواجهين منه قلة فهم قد تبدو وكأنها تحدٍ، وكل معركة تدخلينها معه ستنتهي بحب مفقود. لذا لا تسعي وراء السيطرة الكاملة ولا تدخلي في تلك المعارك. سيكون طفلك " مطيعاً" إذا توافقت رغبته في عمل نفس الأشياء التي تودين أن يقوم بها وإذا صادفت أيضاً عدم رغبته في عمل الأشياء التي تغضبك. بقليل من الذكاء، يمكنك ترتيب الحياة بصفة عامة وبعض المواقف بصفة خاصة، حتى يرغب كل منكما بنفس الأشياء معظم الوقت.



على سبيل المثال لو قام طفلك بنثر مكعباته على الأرض وأنت تريدين الغرفة مرتبة وطلبت منه أن يجمعها، أغلب الظن أنه سوف يرفض. وإذا أصريت وألحيت عليه، ستشتعل بينكما حرب ضارية ولن تستطيعي الفوز بها. من الممكن أن تصرخي بوجهه أو تعاقبيه أو تحوليه إلى كتله من البؤس، ولكن لن يرفع أياً من المكعبات عن الأرض. في المقابل إذا قلت: "أظن أنك لن تستطيع جمع هذه المكعبات في الحقيبة قبل أن أقوم أنا بجمع كل هذه الكتب"، بذلك تحولين عبء المهمة إلى لعبة وتغيرين من نبرة فعل الأمر إلى نوع من التحدي. وهو لم يجمع (معظم) المكعبات "من أجل ماما" كما أنه لم يفعل ذلك لأنه "ولد مطيع"، بل قام بذلك لأنك جعلته يرغب في هذا التصرف وهذه هي أفضل طريقة ممكنة. حاولي أن تقودي طفلك الدارج خلال حياته اليومية عن طريق توقع العقبات وتفاديها وتجنب فرض الأوامر الصارمة التي ستقابل بالرفض التام وإرشاده نحو السلوك الذي تتمنينه لأنه ليس هناك ما يدعوه إلى سلوك آخر.



إن المردود الآن هو استبدال النزاع بقضاء وقت ممتع، ولكن فيما بعد يكون المردود هاماً للغاية. هذا الطفل الدارج الذي لا يعلم الفرق بين الصح والخطأ وبالتالي لا يسعه تمييز السلوك الجيد من السيء، سوف يكبر وسرعان ما سيحين الوقت حين يبدأ في تذكر جميع تعليماتك ويستطيع التنبؤ بنتائج أفعاله، كما يبدأ بفهم مفردات اللغة المستخدمة بشكل يومي ويدرك مشاعرك وحقوقك أيضاً.



عندما يأتي هذا الوقت، سوف يستطيع طفلك أن يكون عن عمد ولداً "مطيعاً" أو "سيء السلوك". يعتمد اختياره بنسبة كبيرة على الطريقة التي يشعر بها حيال الأشخاص المميزين من حوله والذين يملكون سلطة عليه. لو وصل إلى المرحلة التالية من مراحل النمو وهو يشعر بأنك تمنحيه الحب والحنان والتأييد وأنك تقفين في صفه، سيرغب (في معظم الأوقات) بإرضائك (مع وجود بعض الهفوات) وأن يسلك السلوك الذي يسعدك. أما إذا بلغ تلك المرحلة وهو يحسّ بأنك شخصية مسيطرة وغير متفهمة وتقفين ضده طوال الوقت، فقد يتخذ بالفعل قرار عدم الاهتمام بإرضائك لأنك غير راضية قطّ ولن يشغل نفسه بإغضابك لأنك غاضبة في الغالب الأعمّ، ولن يبين لك مشاعر حبه العميقة لك لأنه لا يبدو أنك تبادلينه نفس المشاعر دائماً.



إذا كان يقلقك أنك تعاملين طفلك بلين زائد، أو إذا اقترح عليك أحد الأشخاص أنه حان الوقت لتكوني أكثر صلابة في معاملتك، عليك النظر إلى المستقبل. لو وصل طفلك إلى سنّ ما قبل دخول المدرسة وهو لا ينتظر تأييدك ولا يحب التعاون معك ولا يشعر بالثقة من حبه لك ومن حبك له، تكونين بذلك قد فقدت أساس الطريقة السهلة والفعالة في زرع "الانضباط" لدى طفلك خلال مرحلة الطفولة بأكملها. في هذه المرحلة الوسطى بين كونه طفلاً دارجاً وطفلاً كبيراً، يكون الطفل السعيد هو من يتلقى معاملة لينة. فالطفل الذي يعامل بليونة الآن هو الذي سيسهل التعامل معه فيما بعد.






hghkqfh' ,hgjuh,k







via منتديات الوزير التعليمية Arabic Minister Forums, Educational and Networking - Alwazer http://vb1.alwazer.com/t91931.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق