الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

النّورس التّائه



عترضَ نورسٌ طريقَ موجةٍ في عُرْضِ البحرِ، فاكْفَهَرَّ وجهُ الموجةِ، وعلاه الزَّبَدُ. هاجتِ الموجةُ، وماجتْ، ولكنّ النّورسَ لم يأبه لها، بل أمعنَ في اللَّحاقِ بها، ثمّ حطَّ على ظهرِها، وأرادَ أن يستريحَ من عَناءِ الطّيرانِ الطّويلِ قليلاً.



صرختْ في وجهه، وقالتْ:



-"إلامَ تعترضُ طريقي، أيّها النّورسُ؟".



جَفَلَ النّورسُ، وفَزِعَ، وقالَ متلعثماً:



-"أنا تائهٌ في هذا المدى المَخوفِ، لا أعرفُ طريقاً إلى الشّاطئ. غفوتُ هنيهةً، وحين فتحتُ عينيَّ، افتقدتُ سِرْبَ النّوارسِ. أنا وحيدٌ، أيّتها الموجةُ، لا أبَ لي ولا أمَّ، ولا صديقَ لي سواكِ".



قالتِ الموجةُ، وهي تهيجُ، وتموجُ غضباً:



-"ابتعدْ عن طريقي، أيّها النّورسُ، وابحثْ عمّن يحملُكَ إلى الشّاطئ، فالبحرُ كبيرٌ، والأمواجُ كثيرةٌ".



قال النّورسُ، وهو يركبُ ظهرَ الموجةِ، ويتودّدُ إليها:



-"أنا متعبٌ، أيّتها الموجةُ، لا أقوى على الطّيرانِ. سأكونُ صديقَكِ الودودَ، وسأحكي لكِ قصّةً جميلةً، هي قصّةُ هجرةِ النّوارسِ من بلادِهم الباردةِ إلى بلادٍ دافئةٍ".



أزْبَدَتِ الموجةُ، وراحتْ تتقلّبُ غيظاً، وتتململُ سُخطاً، حتّى كادَ النّورسُ أن يغرقَ، فطارَ عنها، وحلّقَ ببصرِه إلى بعيدٍ، وهو يضربُ بجناحيهِ خوفاً وهَلَعاً، فرأى شاطئَ البحرِ، ولمحَ سِربْاً من النّوارسِ يتطايرُ هنا وهناك، والأمواجُ تتكسّرُ على الشّاطئ موجةً في إثرِ موجةٍ، ثمّ ترتدُّ، وتتلاشى.



من بعيدٍ..



أبصرَ النّورسُ الموجةَ، وهي تقتربُ من الشّاطئ، وتلهثُ من التّعبِ لهاثاً مسموعاً، فطارَ إليها،



وحنا عليها قائلاً:



-"لن أنسى فضلَكِ عليَّ، ولن أنساكِ ما حييتُ".



هدأتِ الموجةُ، واطمأنتْ، ثمّ تراجعتْ رويداً رويداً إلى عُرْضِ البحرِ، وهي تترقّبُ بلهفةٍ عودةَ ذلك النّورسِ التّائهِ إلى بلادِه يوماً ما.









hgk~,vs hgj~hzi







via منتديات الوزير التعليمية Arabic Minister Forums, Educational and Networking - Alwazer http://vb1.alwazer.com/t92142.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق