السبت، 2 نوفمبر 2013

استيعاب وفهم طفلك الدارج



التوازن بين الاعتماد عليك والاستقلالية



لم يعد طفلك الدارج (في مرحلة المشي) مجرد طفل صغير يحسب نفسه جزءاً منك، فهو الآن لا يعتبرك المتحكم الأول بقراراته والشخص الذي ييسر له كل الأمور، ولا ينظر إليك على أنك مرآته الوحيدة التي يرى من خلالها نفسه والعالم من حوله. بالرغم من ذلك، لم يصبح طفلاً كبيراً بعد على استعداد لأن يراك كشخص له حقوقه وأن يتحمل مسؤولية نفسه ونتيجة أفعاله وتأثيرها عليك. ها قد بدأ لتوه بإدراك انفصاله عنك وأنكما شخصان مستقلان، لكنه لا يستطيع التسليم بهذه الحقيقة بعد وقبولها برحابة صدر. في بعض الأحيان، ستجدينه يؤكد على استقلاليته التي شعر بها مؤخراً. وفي كل مرة يطرح الموقف نفسه سترينه يصرخ "لا!" أو "اتركيني!" محاولاً بذلك تحدي سيطرتك عليه وإنكار حاجته إلى مساعدتك. غير أنه في أحيان أخرى يتعلق بك باكياً عند خروجك من الغرفة أو رافعاً ذراعيه إلى أعلى كي تحملينه أو يعلن رغبته في الطعام عن طريق فتح فمه كي تقومي بإطعامه.



بالطبع، سيكون سلوكه المتقلب محيراً بالنسبة لك، إلا أنه يصبح مؤلماً بالنسبة إليه. لا بد له أن يغدو شخصية مستقله، إلا أنه يشعر بالأمان لو بقي بالقرب منك. سيبدأ برفض سيطرتك الكاملة عليه مع أن تقبّلها أمر أكثر سهولة. سيفضّل أشياء ويكره أشياء أخرى ويسعى وراء مطالبه حتى وإن تعارضت مع رغباتك، غير أنه سيشعر بالتهديد الذي يمثله هذا التعارض. ما زال يحبك حباً جماً خارج المنافسة ويعتمد عليك بشكل كامل من ناحية الدعم العاطفي. هو يعيش التناقض ما بين حتمية الاستقلالية وضرورة الاستمتاع بالعاطفة.



إذا كنت تتوقعين أن طفلك الدارج سيظل الطفل الرضيع المطيع نسبياً، فهذا معناه المشاكل المباشرة فيما بينكما. إنه يحتاج إلى حبك وتأييدك، لكن حاجته إلى النمو والتطور لن تتيح له تقبّل الاعتماد الزائد عليك. أما إذا كنت تتوقعين أنه سيتغير بين ليلة وضحاها إلى ما سيشبّ عليه، أي الطفل الذي يعقِل الأمور، فمن شأن ذلك أن يُشعِره بأنه غير كفء أو أهل لذلك. يحتاج إلى مساعدتك وحنانك ولا يستطيع المضي قدماً في تطوره لو أظهرت رغبتك في الابتعاد عنه. لو بالغت في معاملته كطفل صغير سيصبح مدللاً. وإذا قسوت عليه سيصبح شخصاً متذمراً.

أفضل الحلول الوسط



هناك طريق وسط يسمح لطفلك بخوض المغامرة ويحميه من الوقوع في المتاعب ويساعده على تجريب ما حوله، وفي الوقت نفسه يخفف من إخفاقاته ويمنحه إطاراً ثابتاً للسلوك المقبول ويمهده له حتى يحتويه من دون المساس بإحساسه الجديد: أنه هو وحده سيد قراره. يعتمد إيجاد ذلك الطريق الوسط على فهم بعض مظاهر تطور الأطفال الدارجين (في مرحلة المشي)، والتي لا تكون عادة واضحة المعالم، كما يعتمد على رفض الانخداع بالمظاهر الكاذبة. قد يبدو وكأن طفلك البالغ من العمر عامين أكثر نضجاً مما يشعر في العديد من النواحي. ربما تطورت طريقة مشيه وكلامه ولعبه بدرجة كبيرة، حتى أنه يشبه خارجياً طفلاً في الثالثة من عمره، لكنه داخلياً لم يصل في إدراكه وخبرته إلى حد المقارنة بمن هم في سنّ الثالثة. إذا عاملته على أنه رضيع سيتأخر في نموه بينما المطلوب أن يتعلم ويفهم، وهذا يأتي عن طريق الخبرة. أما إذا عاملته مثل طفل في مرحلة الإعداد لدخول المدرسة، فستضعينه تحت ضغط غير محتمل. يجب أن يحصل على المساعدة كي يفهم، ويجب أن يتعلم بالخبرة المبسّطة.

التعلّم عن طريق الخبرة



بالطبع يوجد لدى طفلك ذاكرة، ولكن في حين أنه قد يستطيع تذكر الناس والأماكن والأغاني والروائح مثلك تماماً، فإن ذاكرته قد لا تسعفه في تذكر بعض التفاصيل. عندما كان طفلاً رضيعاً يفعل ما يفعله الرضع، لم يكن ذلك أمراً هاماً أو ملحوظاً بالنسبة له. ولكنه الآن يحاول أن يفعل أشياء تماثل ما يفعله الكبار لأنها حيوية وبارزة. يوماً بعد يوم، ينزلق ويسقط من فوق السلّم (الدرج) بين المطبخ وغرفة المعيشة. وبينما يتملكك القلق من الندبات في رأسه، ستتساءلين متى سوف يتعلم. سوف يحدث ذلك لكنه يحتاج إلى بعض الوقت. لا يستطيع "أخذ السلّم (الدرج) بعين الاعتبار" إلى أن تحفره في ذاكرته التجربة المتكررة. لقد كانت مهمتك وهو رضيع أن تمنعينه من الانزلاق، وعندما يصبح طفلاً كبيراً تكون مهمتك تنبيهه إلى وجود السلّم (الدرج). عليك أن تعدلي من ذلك السيناريو المؤلم والمحتمل وقوعه، وذلك عن طريق وضع بطانة طرية عند السلّم (الدرج) وتذكيره بها مرة بعد مرة.

تعلّم التفكير المستقبلي (قبل حدوث الحدث)



كما تعد ذاكرة طفلك حول الأحداث الماضية ضعيفة بعض الشيء، فإن قدرته على التفكير المستقبلي تعتبر محدودة أيضاً. مع أنه يستطيع التنبؤ برحيلك للعمل من خلال حملك حقيبة يدك، إلا أنه لا يمكنه التنبؤ بنتائج أفعاله. إذا كان يستطيع تسلق سلم الحائط، فإنه سيفعل ذلك من دون التفكير في المشكلةالتي ستتبع ذلك، وهي عدم قدرته على النزول. عادة ما تجتمع كلاً من الذاكرة الضعيفة مع الصعوبة في تنبؤ الحدث فتوقع طفلك في المشاكل. لقد تم توبيخه مراراً وتكراراً على اللعب بمفاتيح جهاز التلفزيون، لكنه يحاول اللعب بها مرة أخرى اليوم، فلا التوبيخ السابق ولا تنبؤه بالتوبيخ الذي سيتبع فعله كفيل بمنعه من تكرار ما قام به. جلّ ما يفكر فيه العبث بهذه المفاتيح فحسب لأنها تجذبه مثل المغناطيس.



لأن طفلك لا يستطيع التفكير في المستقبل لن ينتظر لمدة ثانية واحدة للحصول على ما يريد. لو رغب في أمر ما، سيحصل عليه في الحال ويبدأ الصراع حتى وهو يراك تنزعين الغلاف عن الآيس كريم الذي يتوق لتناوله. إذا كان يجد صعوبة في الانتظار للحصول على ما يريد، فمن المستحيل أيضاً أن يرضي بالقليل من عدم الراحة الآن للحصول على راحة أكبر مستقبلاً. بينما يبكي بائساً لأن الآيس كريم خلّف إحساساً لزجاً على وجهه، سيقاوم قطعة القماش المبللة التي سوف تريحه من هذه اللزوجة. ما زال طفلك كائناً يعيش اللحظة فقط.

تعلّم احترام المشاعر



قد يقع طفلك في العديد من المشاكل في علاقته مع الناس بسبب القصور في تفكيره أيضاً. هو يحبك، والجميع يقول لك ذلك، وهو نفسه يقولها لك. عندما يمنحك الحضن الكبير أو الابتسامة الماكرة أو الضحكة الراضية، تعرفين مدى حبه لك. لكن مع ذلك، قلما يتصرف بالطريقة المفهومة من قبلنا نحن الكبار عن "الحب". لا يمكنه وضع نفسه مكانك ولا رؤية الأمور من خلال عينيك. سوف يتضايق إذا رآك تبكين، ولكن ما يزعجه هو مشاعر الضيق التي أثارتها فيه دموعك وليس ضيقك أنت. فليس من شأنه حتى الآن مراعاة مشاعر الآخرين، ويكفيه فهم مشاعر نفسه أولاً. إذا قام مثلاً بعضك وقمت بدورك بعضه حتى "توضحي له كيف يكون شعور ذلك" سيبكي من الألم والغضب وكأن فكرة العضّ جديدة عليه تماماً. لا يستطيع حتى الآن الربط بين ما فعله بك وما قمت به كردة فعل، أو بين مشاعره ومشاعرك.



إن أساس فهمك الصحيح لطفلك يكون في الاستيعاب الجيد لتطور الوعي لديه. عندما ينضج تفكيره، يمكن أن تجتمع كل المشاعر والانفعالات المتضاربة والقدرات المضللة لتشكّل ما نسميه الطفل المتعقل وسهل المراس.









hsjduhf ,til 'tg; hg]hv[







via منتديات الوزير التعليمية Arabic Minister Forums, Educational and Networking - Alwazer http://vb1.alwazer.com/t91926.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق